Close

Istefada

تحميل كتاِب تدريس العربية والتدريس بها تَحدِّياتُ تَحْصين الهُوية وآفاق تَحْصيل الآداب والعُلوم pdf رابط مباشر

 


تنزيل وتحميل كتاِب تدريس العربية والتدريس بها تَحدِّياتُ تَحْصين الهُوية وآفاق تَحْصيل الآداب والعُلوم pdf برابط مباشر مجاناً

وصف تدريس العربية والتدريس بها تَحدِّياتُ تَحْصين الهُوية وآفاق تَحْصيل الآداب والعُلوم pdf

 

كاتب مغربي باحث في مجال التأويل وتحليل الخطاب .إلى متى سنظل -ونحن ماضون نحو المستقبل- أمةً منبطحةً مستسلمة لِلُغات غيرها، ليس في تلقي العلوم وتدريسها فحسب، بل في لغتها اليومية داخل البيت، وفي ثقافتها الإعلامية؟ إلى متى ستظل هذه الأمة مستعمرة لا تحمل أي سمة من سمات استقلال الشخصية العربية الإسلامية أو الوطنية بكل تنوعاتها اللغوية؟
لم يعد في خطابنا اليومي بالإعلام أو الشارع أو المدرسة صفاء لغوي ولا فكري، وذلك دليل اختلال قوي، وشرخ عميق في الشخصية التي نحيا بها. وإن شخصيةً بهذا العناء التواصلي والتردي والتمزق لا يمكن أن تكون إلا نشازا لغويا وثقافيا وحضاريا .
يظل عدم الوعي بهذا الواقع من أخطر المشكلات، فعدم الوعي بالمرض وخطورته يزيد منه. لكن تحصيل الوعي هو تشخيص للعلة ومنطلق العلاج. فإذا لم يتم تشخيص المرض وتوعية المتكلمين به، فإن جسم المريض سيستمر في الإنهاك والاعتلال حتى يفنى.
إنما تحيا اللغة بعلمائها ومستعمليها ومحبيها وأدبائها ومطوريها، وتموت بعد أن تضعف عند غير المقتدرين على اكتسابها، والمتطفلين عليها، وبمناورات أعدائها. غير أن العربية لا موت لها بين اللغات والثقافات، فهي لغة القرآن المحفوظ، وحاملة معاني الوحي إلى العالمين في كل زمان ومكان. ثم بسبب ما كتُب بها من الذخائر والعلوم، فهي في ذاتها حية قوية، وإنما يموت استعمالها وتملُّكها عند شعب أو قبيلة أو فرد، وآنذاك فالموت هو موت التملك والاستعمال، لا موت اللغة ورأس المال والموروث العريق المشترك.
قد يحدث أن يكون لبعض الأمم سلطان قُوةٍ وجاهٍ وعزةٍ، وامتداد ثقافي، وغنى أدبي وعلمي عريق، يرعاه قائد عادل وحكيم من ذوي المطامح الكبرى، لكنها تتهور فتعزله بلا سبب مقنع يقتضي عزله، بل بسبب التنازع في الرؤى، واختلاف المواقف، وغياب روح التعايش، وتراجع قوانين احترام حق الآخر في العيش الكريم، وفي التعبير عن الرأي، فتكون بذلك قد أزالت السلطان الذي كان يحميها من الأخطار، ويرفع مقامها بين الأقطار، فتَلَجُّ وتَلهج بكل الأسرار والأخبار، فتنزع الصولة والصولجان منه، وتعفر فمه بالتراب والغبار، ثم يموج بعضها في بعض بلا اختيار ولا قرار. وليس هذا السلطان إلا اللسان، والعربية لسان أمة القرآن وحضارة البيان.
اللسان العربي ليس في خطر يأتيه منه، فهو لسان بياني كوني رائد ومتفرد، له علومٌ تضبطه صَرْفا ونحوا واشتقاقا وبلاغة، وله من الذخائر التراثية المفيدة ما يُذهلَ السائلَ في كل زمان، إنما الخطر يأتيه ممن ينتسبون إليه بالاستعمال تفريطا، وإهمالا وكسلا، وسوءَ تقدير؛ ففي الوقت الذي كان ممكنا أن يجري بقوة في الاستعمال الإداري والتربوي والإعلامي والعلمي، تتجه سياسات لغوية إلى تجميده وحبسه، وعدم تنزيل المقتضيات القانونية الخاصة به، لضعف فهم علاقته ببناء الهُوية القوية، وصناعة الإنسان المستقبلي.
إن الاختراق قد بلغ مداه، والشخصية تزعزعت أركانها، بسبب ضعف الاستقلال اللغوي، والصفاء المعجمي، الناتج عن انعدام الوعي بمقومات الهوية اللغوية والثقافية والدينية والحضارية، وما يقتضيه ذلك من الاعتزاز. فما هي صورتنا بالضبط أمام أنفسنا، وأمام تاريخنا، وأمام غيرنا؟ وأي أنموذج نريد لمتكلم العربية اليوم؟ أي معالم للأنموذج الإنساني العربي المسلم، أو الأمازيغي المسلم؟ أقول هذا بلا أي تعصب لأحد على أحد، فمن حق كل واحد أن يستعمل اللغة التي يشاء، فاللغات وسائل فقط، والوسائل في خدمة بناء الإنسان، والإنسان في منظورنا لا أفضلية له باللون، أو العرق، أو الجغرافيا. إن معيار الأفضلية حدده رب العالمين وهو التقوى، فالأكرمية بالتقوى وهو ما لا نملك سبيلا إلى تقويمه، فهو سر بيد العالِم بخفايا النفوس، وخائنة الأعين، وما تُخفي الصدور. ومعنى ذلك أن أكرمية الهوية هي أكرمية الهوية الدينية التي لا تقوم إلا بالهوية اللغوية، وهي اللغة العربية أصلا، وبعد ذلك أي لغة يختارها المتكلم.
يقتضي ما ذكرنا من مبدإ الأكرمية بالتقوى الاحتفال باللغة التي حملت خطاب التقوى، فهي اللغة المخلِّصة للإنسان بما يُفهم من خطاب الله، وهو خطاب باللسان العربي، فلا معنى إذًا لتقديم لغة أخرى مهما كان شأنها وتفضيلها على اللغة التي تفضي إلى تحقيق مرتبة الرضا الرباني، فهي التي تضع صاحبها على طريق الخلاص إن كان ذلك من أولوياته، فإن لم يكن هذا مُقَدما لديه في الاعتبار؛ أي القرب من الله والبحث عن فهم معاني خطابه، فإن أي شخص يمكنه أن يدعي أن لغته هي أفضل اللغات، طالما أنه لم يحدد أولويات وجوده المترتبة عن وعيه بحقيقة إيجاده على الأرض، أهو العبور مع طلب الرفاهية أم الاختبار بالخير والشر؟
ومما يثير الدهشة عند العلماء المسلمين من أصول أمازيغية أنهم كانوا يدركون هذا المبدأ غاية الإدراك، فدَرسوا العلومَ الشرعية باللغة العربية، وألَّفوا بها مئات الكُتب بل برعوا في ذلك، ولم ينقص ذلك شيئا من انتمائهم الأمازيغي أو من فضلهم ومقامهم، بل زادهم ذلك فضلا على فضل، وكرما على كرم، فبلغوا الرسالةّ، لأن هدفهم لم يكن الاحتفاء بالوسائل، بل بالغايات الوجودية؛ فهذا محمد المختار السوسي يكتب في “المعسول” متحدثًا عن اللغة العربية في المغرب قائلا:« فالحمد لله الذي هدانا حتى صِرنا ـ نحن أبناءَ إلَغْ العجمَ ـ نتذوَّق حلاوتَها ونُدْرك طَلاوتَها ونستشفُّ آدابَها، ونخوض أمواجَ قوافيها، حتى لنعدَّ أنفسَنا من أبناء يَعرب . إن لم نكن إلا أبناء أمازيغَ (…) فاللغة العربية عندنا ـ معشرَ الإلْغِيّين ـ هي لغتُنا حقّا التي نعتزُّ بها، لأن بها مُراسلتُنا ومُخاطبتُنا حين نريد أن نرتفع بأنفسنا عن مستوى جيراننا وأبناء جِلدتنا(…) وتلك نعمةٌ أنعمَ الله بها علينا بفضله وكرَمه. إننا لنرى أنفسنا من وَرَثة الأدب العربي، فنغارُ إن مسَّه ماسٌّ بِفَهاهة، ونذود عن حِماه إن أحسَسنا بمن يريد أن يمسَّه بإهانة. فنحن عربٌ أقحاحٌ من حَرَشَة الضِّباب، والمُستطيبين للشِّيح والقَيصُوم، وإن لم تكن أصولُنا إلا من هؤلاء الذين يُجاوروننا من أبناء الشَّلْحيّين الأماجد…» .
لا أفضلية إذًا لأحد على أحد بلغته، وإنما الأفضلية من منظور الشارع تكون بالتقوى، والله تعالى لا يحفل بهيبة المؤسسات، ولا بصور الأشخاص، ولا بمراكزهم، أو مقاماتهم الاعتبارية، أو بلغاتهم، فهو ينظر إلى قلوب عبيده وأخلاقهم ومعاملاتهم. وهذا ما يدعو إلى الترفع عن الابتذال في الدعوة إلى تضييق المنظورات والاختيارات بالتعصب للعرق، أو اللون، أو اللغة، أو الجغرافيا، وبناء وعي جديد يُسهم في البناء الثقافي للأمة بالعلوم النافعة، والآداب القاصدة، والرؤى البَنَّاءة التي تحرك العقول، وتدعوها إلى الاجتهاد والحماس المعرفي المترفع عن النزعات العرقية أو اللغوية؛ فكل الناس لآدم وآدم من تراب، واختلاف الألسن من آيات الله تعالى الدالة على عظمته في خلقه، بمنحهم القدرة على وضع اللغات بحسب الحاجات. فإذا تأملت هذا وجدتَ أن السعي إلى تحقيق هيمنة لغوية أمر ثانوي جدا، وأن المطلب الهام هو تحقيق الوجود الدال المتناغم مع حقيقة الإنسان في القرآن الكريم، وهو التعارف وتحقيق الأكرمية الإنسانية والحضارية بالتقوى.
انطلاقا من هذه المبادئ، يدعو هذا الكتاب إلى تطوير الوعي اللغوي لوضع الإشكالات اللغوية في مقاماتها، وإلى دفع المهتمين بالسياسات اللغوية إلى تحكيم العقل، وتجنب التطرف في الدفاع عن لغة دون أخرى. ولكن كذلك بإعطاء اللغة العربية المقام الذي تستحقه في الاستعمال والتي هي أهل له؛ فمهما آمنا بالاختلاف وبالعدالة اللغوية، فإن وجودنا بغير خطاب بليغ، متماسك وقوي، لا يمكن أن يكون وجودا نافعا لنا ولغيرنا، ومن العدالة كذلك إبراز القيمة التاريخية والعلمية والأدبية والبيانية للغة العربية.
من أدوارنا إعطاء القدوة، وبيان الأنموذج الذي نمثله بانتمائنا لوجود إسلامي معتدل يطبع حياتنا من الصباح إلى المساء، وما يقتضيه ذلك من تبليغ ما بلَغنا من معاني الخطاب إلى غيرنا، بل تربية ناشئتنا على الاعتزاز بالهُوية التراثية، والتاريخية، وبالقيم الإسلامية والإيمانية العظيمة التي وصلتنا باللغة العربية. وهذا لا يتعارض مع الإيمان بالتعدد والاختلاف. ولكنه يعزز الوجود المنسجم بالخطاب القوي، فالأمم تنهض بخطابها، وتحفل به، وتُعَلِّمه، وتحرص على الحفاظ عليه.
تبعا لما سلف، يدور موضوع الفصل الأول حول السياسات اللغوية المعتمدة رسميا، والسياقات الاجتماعية والفكرية بشأن اللغة المعتمدة، والمبررات الحضارية والبيانية والعلمية والتراثية والمنهجية والقانونية التي تبين مكانة اللغة العربية، ومؤهلاتها المرجعية والاشتقاقية والتوليدية للتدريس بها، ومقوماتها المعجمية والدلالية لبناء العُدة الاصطلاحية اللازمة .
كما تناولَ مسألةَ غزو الكلمات الأجنبية للغة العربية: أسبابُه ومظاهره، وأثره على الاستعمال اللغوي اليومي، و كيفية الحد منه انطلاقا من هذه الأسئلة المؤرقة: لماذا نلجأ إلى الحديث بلغة أجنبية مع العلم أن العربية لا تضيق بالكلمات الوافية بالتعبير عن حاجاتنا اليومية؟ لماذا نستقي يوميا في حوارنا بالبيت والشارع والمدرسة من هذا الخليط المزعج بين العربية العامية والفرنسية؟ لماذا نضطر إلى استعمال أفعال وأسماء فرنسية في كلامنا بشكل غريب ومضجر؟ إلى متى سيظل لسان حديثنا معتمِدا على الكلمات الأجنبية؟ أي شخصية لأولادنا نبني بهذا الخليط اللغوي إذاً؟ هل هذا العجز اللغوي في تدريس العلوم وفي التخاطب اليومي العادي يمكن أن يصنع مستقبلا شخصيةً مستقلة اللسان، معتزة بنقاء لغتها وأدوات تفكيرها؟!
حاولنا في الفصل الثاني بيان الفلسفة التربوية الهادفة التي تتبناها المرجعيات الرسمية في العناية باللغة العربية بصفتها لغة مُدَرَّسة، ولغة تدريس للعلوم، فأوردنا ما وجدناه مفيدا في “الميثاق الوطني للتربية والتكوين”،و”الكتاب الأبيض”، و”الرؤية الاستراتيجية”، و”التوجيهات الرسمية الموجهة لمدرسي اللغة العربية”. وأشرنا إلى قوة الطرح المتبنى فيها، مقابل التقصير الحاصل في تنزيلها تنزيلا قويا سليما يحقق الأهداف المنتظرة .
توقفنا في الفصل الثالث بالتحليل النقدي للمنظور الذي وُضعت به مكونات برنامج اللغة العربية، وبالأخص مواد النحو الكثيرة، والتي تختزل تاريخ تطور النحو العربي كاملا لمتعلم بين اثنتي عشرة سنة وست عشرة سنة، وهو اختيار غير موفق لنظرية متجاوَزة تعكس تصورا قاصرا للكيفيات الصحيحة لاكتساب اللغة العربية؛ فعوض ستين درسا في النحو الموجَّهة للمستوى الإعدادي على اختلاف في درجات التجريد والصعوبة، كان من الممكن وضع نصوص مشوقة ومفيدة لليافعين، وسيتمكن المتعلمون في هذه المرحلة العمرية من ضبط الأنساق اللغوية العربية السليمة بقراءة النصوص الأدبية وتلخيصها ومناقشتها وتقاسم أثرها.
لذلك تقترح النظرية التي يتبناها الكتاب منظور “التدريس بالنماذج” بديلا لتعليم اللغة بالقواعد، والإسراف في تحليلها وضبطها على حساب النماذج النصية؛ فتحصيل الملَكات التعبيرية إنما يتم بجعل الممارسة اللغوية جزءا من استعمال المتعلمين، لا مجردَ تحليل للأنساق اللغوية واستخلاص القواعد، وترديد اللغة النحوية الواصفة، فهذا من عمل اللسانيين والنحاة لا من طالبي المَلكات، ومن ثمة ففساد درس اللغة هو من فساد النظريات -لا النِّيات- التي حكمت تأليف الكتب المدرسية، وبُعدَها عن الأسلوب الصحيح لتحقيق الغايات المرسومة التي لا نختلف في دقتها ووجاهتها، وإنما حصل الاختلال في التبصر الصحيح بالأدوات والكيفيات والمنظورات.
ناقشنا في الفصل الرابع قضايا اعتماد اللغة العربية العامية في التدريس، والنقاش الذي أثاره استعمال بعض الكلمات الشائعة في ثقافتنا اليومية، مبينين بعض الدقائق اللغوية، ومُقَدِّمين بعض الإفادات في ما ينبغي أن يُعتمد من الكلمات واللغات في الكتاب المدرسي، وما يتماشى مع الأهداف المسطرة في مناهج تدريس اللغة العربية.

وهكذا، يتجدد سعينا في كل كتاب إلى خدمة جانب من جوانب تعليم اللغة العربية، وتقوية مناهج تدريسها، ونشر الوعي بأهمية تحصين الهوية بالعنايةبها، واعتمادِها لغةً مُدَرَّسة، ولغةً لتدريس كل الاختصاصات، مما سيُدخل المستعملين من الباحثين والمترجمين في تحديات حقيقية لبناء عُدَّتهم الاصطلاحية بعلوم اللغة، وتجريب معاناة البناء الحضاري والمعرفي، للخروج من دائرة الاتكال والتبعية والاستعمار اللغوي والفكري، إلى دائرة التحدي باصطناع المصطلحات، وتجريب استعارتها وتأثيلها ونحتها، وذلك سبيل التمهيد للبناء الثقافي القويم النابع من شخصية عربية إسلامية تؤمن بقدرتها على العطاء والإبداع .
ومع كل حماسنا واقتناعنا بما ذكرناه، فإننا لا ندعي الكمال، وهو مُحال لغير ذي الجلال، فمن طلب عيبا وجدَّ وجَد، ومن افتقد زَلَل أخيه -بعين الرضى- فَقَدْ فَقَدَ.
نسأل الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتنا، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن يكتُبنا مع الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأقبلوا على ربهم مسلمين مستسلمين . والحمد لله رب العالمين.
محمد بازي
سوس العالمة
شهر رجب 1441 الموافق لشهر فبراير 2020

مؤلف: أبو جلال الدين محمد بازي الميموني
قسم: قسم غير محدد
اللغة: العربية
الصفحات: 126
حجم الملف: 19.39 ميجا بايت
نوع الملف: PDF
تاريخ الإنشاء: 07 سبتمبر 2021

قراءة وتنزيل تدريس العربية والتدريس بها تَحدِّياتُ تَحْصين الهُوية وآفاق تَحْصيل الآداب والعُلوم pdf من موقع مكتبه إستفادة.