Close

Istefada

تنزيل وتحميل كتاِب [تفريغ] :: الندوة الجهادية الرائعة { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ } pdf برابط مباشر مجاناً

 


تنزيل وتحميل كتاِب [تفريغ] :: الندوة الجهادية الرائعة { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ } pdf برابط مباشر مجاناً

وصف [تفريغ] :: الندوة الجهادية الرائعة { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ } pdf

 
[تفريغ] :: الندوة الجهادية الرائعة { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ }

بسم الله الرحمن الرحيم نُخْبَةُ الإِعْلامِ الجِهَادِيِّقِسْمُ التَّفْرِيغِ وَالنَّشْرِ يقدم تفريغ الندوة الجهادية الرائعة{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ } [الغلاف]

الصادرة عن مؤسسة الأندلس للإنتاج الإعلامي
12 رمضان 1431 هـ
22/8/ 2010 م بسم الله الرحمن الرحيم(فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً)ندوة جهادية” كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ” مقدِّم الندوة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنّ الحمد لله أحمده وأستعين به وأستغفره وأستهديه, نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهدِه الله فلا مضل له ومن يُضلِل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ), (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). ثم أما بعد:
يسر إخوانكم في تنظيم القاعدة في بلاد مغرب الإسلام أن يقدموا لأمّة الإسلام هذه الندوة؛ تحريضًا للمؤمنين وإبراءً لذمتهم أمام رب العالمين, وهي بعنوان: (كُتِب عليكم القِتال وهو كرهٌ لكم).

وهذه الندوة ستدور على محاور, فالأول: قراءة من كتاب الله جل وعلا مع الأخ أبو العباس. والنقطة الثانية: محاضرة مع الأخ عبد الله. والمحور الثالث استراحة شعرية في الشعر العربي والأدب الحساني. ثم النقطة الرابعة: كلمة عن الإعداد والرباط, ثم استراحة أنشودية.
فليتقدم الأخ أبو العباس مشكورًا مأجورًا. افتتاح الندوة بقراءة القرآن الكريمترتيل الأخ المجاهد أبي العباس أعوذ بالله من الشيطان الرجيمبسم الله الرحمن الرحيم (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً* أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً* لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً* وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً* مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً* لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً* وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً* وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً* وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً).مقدِّم الندوة:
جزى الله الأخ الكريم خير الجزاء, نسأل الله أن يتقبل منه ومنا وأن ينفعنا بما سمعنا. والآن مع المحاضرة للأخ عبد الله, فليتفضل مشكورًا مأجورًا. محاضرة للأخ المجاهد عبد الله الشنقيطي بعنوان “الجهاد هو الحل”
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهدِه الله فلا مضل له ومن يُضلِل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين, أما بعد:
إخوتي الكِرام, لا أدري ماذا أقول لكم في هذا اليوم المبارك, في هذا العيد العظيم الذي هو موسمٌ من مواسم الخير, ورمزٌ للتضحية والفِداء التي هي أعظم ما نحتاجه في هذه الأيام, لا أقول لكم كما قال أبو الطيب: عيدٌ بأي حالٍ عدت يا عيدُ *** بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديدُ
لا, بل إنّ الله -والحمد لله- قد أذهب بالجهاد همّنا وغمّنا, وإلا فإنّ هذه الأمة في مآسٍ ومِحن وبُعدٍ عما ينبغي أن تكون عليه, لولا تثبيت الله عز وجل إيانا لتفطّرت قلوبنا, فإن المسلمين يُهانون في كل أرض ويُعذّبون وتُغتصب أرضهم وأموالهم ويُفتنون في كل يوم ولا كفتنة هذه الأيام.
فيا عِباد الله إنّ هذا الحال الذي نحن فيه حالٌ لا بد لنا أن ننظر في المخرج منه, وكثيرٌ من الناس يبحثون عن المخارج ولكنهم كما قال القائل: كالعيس في البيداء يقتلها الظما *** والماء فوق ظهورها محمولُ
إنّ الحل باختصار لما تعانيه هذه الأمة لكل طالبٍ للخير ولكل مريدٍ للحق ولكل ساعٍ على منهج النبي صلى الله عليه وسلم هو أخذ هذا الدين بقوة والتمسك بهذا الدين كافة كما قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً) أخذ هذا الدين كله, وإنّ أخذ هذا الدين كله يعني أخذه بقوة والدفاع عنه وعدم ترك أي أمرٍ منه عقيدةً أو شريعة, وهذا لا يكون إلا بالجهاد في سبيل الله, وإلا بالقتال لإعلاء كلمة الله, وإلا برد عادية المعتدين, وإلا بأخذه هذا الدين بقوة.

إنّ هذا الطريق صعب, ولكن لا طريق إلا هو, لا طريق إلى المجد في هذه الدنيا لرفع الذل عنا, إلى رضى الله عز وجل, إلى الجنة في الدار الآخرة إلا بهذا (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ), (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
ولهذا كتب الله علينا القتال, فقال سبحانه وتعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ), ولهذا قضى الله عز وجل القتال وحرّض عليه وأمر به وأمر بالتحريض عليه ووعد له بالجنة والرضوان وتوعد القاعدين عنه, وهذا كله في محكم القرآن, فقال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً) فأمر الله عز وجل بالنفير, وقال الله سبحانه وتعالى: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً), ووعد الله عز وجل أهل الجهاد في سبيل الله بالهداية وحفظ الأعمال وعدم ضياعها, قال سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ قُاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ *سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ *وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ), واشترى الله نفوس المؤمنين وجعل الطريق إلى بذلها وتسليمها هو القتال في سبيل الله وجعل جزاءها هو الجنة, قال الله عز وجل: (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

وتوعد الله عز وجل القاعدين عن الجهاد وقد تعيّن بقوله سبحانه وتعالى: (إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ), وهجر النبي صلى الله عليه وسلم وعاقب الذين قعدوا عن الجهاد المتعين من غير عذر.
وجعل الله عز وجل هذا الجهاد هو ذروة سنام الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله”, ويكفي فضلًا وشرفًا أنّ الله عز وجل جعله بابًا إلى رضوانه وجواره في جنات الخلد, فقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن أبي الوفا في الصحيحين: “واعلموا أنّ الجنة تحت ظلال السيوف”, وفي حديث معاذ عند أصحاب السُّنن وغيرهم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؛ اغزوا في سبيل الله, من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة”, فيالها من نعمةٍ ما أعظمها! ويالها من منزلةٍ في الدين ما أسماها! ولكن القاعدين لا يعلمون.
أوتظنون أنّ الله عز وجل شرّف الجهاد وجعله بهذه المنزلة دون أن يكون له عظيم الأثر في حياة الأمة, ودون أن يكون لتركه أيضًا أثرٌ عظيمٌ في حياة الأمة! فهيا بنا نلم ببعض مقاصد هذا الجهاد وأهدافه التي تتحقق منه إن قام على وجه الشرع, تعالوا بنا نذكر بعضها وهي إنما تتحقق بالقتال في سبيل الله, فكل دعوةٍ وكل عملٍ وكل سعيٍ لا يكون مبنيًّا على القتال في سبيل الله لا يحقق هذه الأهداف.
الغاية العُظمى والهدف الأسمى هو حفظ هذا الدين, ورد عدوان الكافرين؛ فإنّ حفظ هذا الدين لا يقوم إلا بالجهاد في سبيل الله عز وجل.
ما برهان ذلك؟ فكلٌّ يدعي, برهان هذا قول الله سبحانه وتعالى بعد أن ذكر قصة داود وقتله لجالوت من ملأ من بني إسرائيل قال سبحانه وتعالى: (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ), وقال سبحانه وتعالى بعد أن أذِن للمؤمنين بعد الهجرة أن يقاتلوا في سبيل الله, قال سبحانه جل من قائل: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ), قال سبحانه وتعالى بعدها: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

فتأمّلوا يا إخواني كيف يكون العالم اليوم لو لم يكن هؤلاء المجاهدون, ولو لم تكن هذه الشوكة والقوة التي نسأل الله عز وجل أن يزيدها ويقويها وينشرها في كل ربوع الأرض وأن يمكن لأهلها, لو لم يكن هذا السلاح, لو لم يكن هذا الإعداد, لو لم يكن هذا القِتال, لو لم يكن هذا الاستشهاد؛ لكان الكافرون قد استولوا علينا ولعطلوا كل الشرائع ولقتلوا كل من يدّعي الإسلام, فتلك عادتهم فيما مضى, وذلك شأنهم فيما كان, وذلك أيضًا شأنهم فيما يكون, قال الله عز وجل في محكم كتابه: (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً), وهذا أيضًا ظاهرٌ بيِّنٌ جلي ومن الواضحات, ومن المعضلات توضيح الواضحات! فإنّ الله عز وجل قصّ علينا قصص أسلافهم من الماضين حين قال نبي الله شعيب عليه السلام لقومه: (وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ), فماذا قالوا؟ (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا).
وقال الله عز وجل عن قوم لوط أنهم قالوا: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ).
فالباطل مهما كان لا يتحمل أن يبقى معه الحق وهذه عقيدة أهل الإسلام, ولهذا قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً), وقال سبحانه وتعالى: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ). فهذه العقيدة من لم تستقر في نفسه فعليه أن يراجع ولاءه للمؤمنين وبراءته من الكافرين, عليه أن يراجع إيمانه, من ظن بالباطل خيرًا وأنه لا يسعى لاستئصال الإيمان فذلك -والعياذ بالله- مأتيٌّ من قبل ظنه وعقيدته.

فلهذا لا بد من إعداد العدة ولا بد من القتال في سبيل الله عز وجل لرد عادية المعتدين ولحفظ هذا الدين, ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لمكة سنين عددًا, لكنه حين هاجر إلى المدينة فتح الله عليه الأرض, ولهذا غزا النبي صلى الله عليه وسلم في ثماني سنين 27 غزوة, وضعفها من البعوث والسرايا, فهذا يدل على أهمية الجهاد في هذه الدعوة . دعا المصطفى دهرًا بمكة لم يُجب *** وقد لان منه جانبٌ وخِطابُفلمّا دعا والسيف صلتٌ بكفه *** له أسلموا واستسلموا وأنابوا
فلهذا كان الإمام عبد الله عزام -رحمه الله- يقول إنه لا مكان لنا تحت الشمس إلا بالجهاد في سبيل الله عز وجل.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق هذا الأمر, فلما زحفت زحوف المشركين إلى المدينة يوم أحد جهّز النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة وأعد خطته ثم انطلق إلى لقائهم صلى الله عليه وسلم, وقد كان الخيار هو قتالهم ولم يكن ثمّ خيارٌ آخر رغم أنّ الشورى كانت موجودة.
ولمّا سمع المسلمون أنّ زحوفًا من الروم تقدم لغزو المدينة ماذا فعل المسلمون؟ هل انتظروا حتى يدخل الروم أرض الإسلام ويفتنوا الناس عن دين الله ويستولوا على أرضهم؟ أم زحفوا إليهم في عقر دارهم؟ هذه هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو إمامنا؛ زحف إليهم وفرّق جمعهم وشتّت شملهم, وأنزل الله عز وجل سورة التوبة, واستنفر النبي صلى الله عليه وسلم عامة المسلمين ولم يتخلف إلا منافقٌ معلوم النفاق أو من عذرهم الله أو من جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأتوا بعذرٍ شرعي عاقبهم النبي صلى الله عليه وسلم وهجرهم.

ولكن طالت الأيام وأعد الروم عدتهم وزحفت زحوفهم ثم جاؤوا إلى أرض الإسلام ولم يكن ثمّ يومئذ من يعلن النفير, ثم دخلوا إلى ديارنا, ثم استولوا عليها, ثم وقع ما أخبر الله عز وجل به في سورة الأحزاب, أتدرون بمَ أخبر الله؟
أخبر الله عز وجل في محكم كتابه أنّ المشركين لو كانوا دخلوا المدينة يوم الأحزاب لكان قد مال إليهم طوائف من أهل الإسلام يومئذ وهم المنافقون, قال الله عز وجل عنهم: (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً), فلقد دخلوا بعد ذلك أرضنا من أقطارها وسألوا هؤلاء المنافقين الفتنة فأتوها وما تلبّثوا بها إلا يسيرًا, فأصبح منهم القائد والوزير والمستشار والمُشير فحكموا أرضنا بشريعة عدونا بغير الإسلام ووالوا أعداء الدين وأسلموا إليهم العباد والبلاد ونشروا في الأرض الفساد, ولا حول ولا قوة إلا بالله!
وأما القاعدون فقد أصبحوا أئمة الدين, إليهم يرجع الناس في الفتوى وإليهم المرجع, فحازوا إمامة الدين دون صبرٍ ولا يقين, ولم يجدوا من يهجرهم كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم أسلافهم!
فلهذا إنّ الحل هو في القتال في سبيل الله لإعلاء كلمة الله, ثم إنّ القتال في سبيل الله يجلب أمرًا آخر, به ننقذ أسرانا والمستضعفين, وبرهان ذلك قول الله جل وعلا: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً), فهؤلاء المستضعفون في السجون يستغيثون الله ويدعون, ووالله الذي لا إله إلا هو لئن اجتمعت دعوات المستضعفين وسيوف المجاهدين لينصرن الله أولياءه, فهذا هو الطريق لإنقاذ المستضعفين, فمن كان يريد أن ينصره الله عز وجل فليكن في عون أخيه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”, وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “فكوا العاني”, ولذلك فإنّ الطريق لإنقاذ المستضعفين وفك أسر المأسورين هو من أعظم أسباب إعانة الله عز وجل زيادةً على ما تكفّل الله عز وجل به من إعانة المجاهدين.

وقبل أن أنتهي, هذا هو الطريق السلفي أيضًا لإنقاذ الأسرى والمستضعفين, فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم جيّش الجيوش وغزا بني قينقاع ونبذ إليهم عهدهم وردّ إليهم أمانهم وذلك -كما ذكر أهل السير- بعد أن كشفوا إزار مسلمةٍ واحدة, فما بالنا نحن اليوم قد فُعِل بنا كل ما فُعِل ونحن لا نرد لأحدٍ عهدًا ولا نقطع له يدًا, وكثيرٌ من الناس من المخذِّلين يتمسكون بعهودٍ قطعها الأعادي مع أنه لا أصل لها أصلًا, فلا حول ولا قوة إلا بالله! من يهُن يسهل الهوان عليه *** مالجرحٌ بميتٍ إيلامُ
وهذا المعتصم كما تعلمون جهّز الجيوش وأرسلها إنقاذًا لمسلمةٍ مستضعفة واحدة ونحن حالنا كما قال القائل: أتُسبى المسلماتُ بكل أرضٍ *** وعيشُ المسلمين إذن يطيبُأما لله والإسلام حقٌّ *** يدافع عنه شبّانٌ وشيبُفقل لذوي البصائر حيث كانوا *** أجيبوا الله ويحكمُ أجيبوا
يا أيها المستضعفون, يا أيها المسلمون, يا أيها الراكنون إلى الأرض المُخلِدون إليها, يا إخواني, أما رأيتم ما فُعِل بإخواننا في فلسطين, أم لا ترفعون بهذا الدين رأسًا! أما رأيتم ما يُفعلُ في أفغانستان, أما رأيتم ما يُفعل في نيجيريا وبلاد السودان, أما رأيتم ما يُفعل في كل سجون الظلم في كل أرض تحت كل حكمٍ لا يحكم بشريعة الله, إذلال وظُلم واعتداءٌ على الأعراض والأموال والأنفس وكل ما أنعم الله عز وجل به, أترون كل هذا ثم لا تخرجون؟! أترون كل هذا ثم تُخبتون إلى الأرض؟! لا إله إلا الله! اللهم إنّ هذا منكر وإنّا لا نُقِر به ولا نرضى به, اللهم هل بلّغت اللهم فاشهد.
ثم يا إخواني الكرام, إنّ المجاهدين في سبيل الله الذين هجروا الأوطان وتركوا الديار وسلّوا سيوفهم, الذين تجاوزوا كثيرًا من العقبات, تجاوزوا عقبة الإخلاد إلى الأرض فتركوها ونادوا بقولهم: وأينما ذُكِر اسم الله في بلدٍ *** عددت ذاك الحِمى من لُبِّ أوطاني

فأحيوا سنة الهجرة التي هي طريق الأنبياء الذين لم يعظُم في أنفسهم الكافرون, وتلك أيضًا طريقة الأنبياء والمُرسلين, هؤلاء المجاهدون عليهم أن يعلموا أنهم هم خير أهل الأرض إن اتقوا الله عز وجل, ولكن ينبغي أن لا يركنوا إلى هذه الدنيا, وأن لا يُخبِتوا إلى الراحة, وأن لا يتركوا الغبار على سيوفهم طرفة عين حتى يحكم الله بينهم وبين عدوهم, حتى يُنقذ المستضعفون وتُحمى الثغور وتُقام شريعة الإسلام في جميع دور الإسلام.
إذًا إخواني الكِرام علينا أن يحرِّض بعضنا بعضًا, فلهذا أمر الله عز وجل بالتحريض, قال الله عز وجل: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ), فكف بأس الكافرين هو من فعل الله عز وجل, وأنت إنما تبذل وسعك وتبذل جهدك وتحرِّض إخوانك (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً).
وتذكّروا ما ورد في السنة النبوية أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حين عاد من غزوة الأحزاب فرّق الله جمعهم وهزم الأحزاب وحده وأيّد جنده ونصر عبده, جاء النبي صلى الله عليه وسلم يستحثه جبريل إلى بني قريظة, ولم يضع سلاحه عليه السلام فاستحث إليه المسلمين, فنزلوا إليهم بعد أن أعلنوا بالغدر ومالؤوا الكافرين, فرّدوا إليهم عهدهم وقتلوا مقاتلتهم وسبوا نساءهم وذراريهم وقسّموا أموالهم, وذلك جزاؤهم وحُكم الله فيهم ربنا سبحانه من فوق سبع سماوات.
فلهذا علينا إذًا إذا هزم الله هؤلاء الأحزاب وفرّق جمعهم -وقد فعل والحمد لله- فعلينا أن لا نضع سلاحنا حتى ننقذ المستضعفين, وحتى نُقيم حكم الله في الممتنعين عن شريعته وحتى نعاقب أولئك الخائنين, ليعلم أولئك الخائنون أنهم لن يفلتوا من العقوبة.
ولذلك فإنني قبل أن أغادر هذا المكان أنتهز هذه الفرصة وأستسمح إخواني لأعرِّج قليلًا على بلاد شنقيط التي مُلِئت بالأسرى المنسيين والمستضعفين, ولكنني أذكر حادثةً لا ننساها أبدًا بإذن الله وليعاقبنّ الفاعلون, ألا وهي ما فُعِل بالمهندس الإمام محمد المصلاحي -فك الله أسره- حيث أسلموه ظلمًا إلى أعداء الدين ليطوفوا به في سجون المرتدين ثم يسلمونه إلى الصليبيين, وأمه تبكي وتستغيث ولا مُغيث! وقد أصبح الجاني يريد أن يكون مُنقِذًا! وتكررت تلك الحالة مراتٍ ومرات ونحن بها على عِلم, وليُعاقبنّ الفاعلون بإذن الله, بإذن الله, بإذن الله عز وجل.

وفي الختام, أختم بقول الله عز وجل سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ), وقوله سبحانه: (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ), فهذا أمرٌ من الله عز وجل, وقوله سبحانه وتعالى: (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ*وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ *وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ).
وبمناسبة هذا العيد أبلغ سلامي إلى إخواني المسلمين, وإلى إخواني المجاهدين خاصة في كل مكان, في مغرب الإسلام, وفي نيجيريا بلاد السودان, وفي أفغانستان, وفي فلسطين, والشيشان, وفي الصومال, وفي أرض الرافدين, أولئك الذين رفعوا رؤوسنا أحييهم جميعًا, وإلى الذين لا أعرفهم وربما إلى الذين لمّا نسمع بهم بعد حياكم الله وبيّاكم, وأذكركم بقول أخينا الشيخ أبي أنس في إحدى رسائله حفظه الله وهو يقول: “إنّا على العهد لا نكل ولا نمل فقد عقدنا وإياكم الصفاق إلى جنة عرضها السماوات والأرض فالبِدار البِدار”.مقدِّم الندوة:
نسأل الله عز وجل أن يتقبّل من أخينا ما قال, وأن يجعل ما قال حجةً لنا لا علينا, وإننا بلسان الحال نقول للقاعدين: يا إخوتي كُتِب الجهاد فشمروا *** فكوا القيود وكسِّروا أغلالهابيعوا النفوس لربكم واستبشروا *** فالله جنات الخلود بنى لهافإذا امتنعتم فلتكفوا شركم *** ودعوا الحروب لمن يخوض مجالها
والآن المقطع الثالث وهي استراحة شعرية, ولنبدأ بالأخ أبو جبلة, فليتقدم مشكورًا مأجورًا ليلقي قصيدته على إخوانه. استراحة شعريةللأخ المجاهد أبي جبلة الشنقيطيالسلام عليكم, هذه أبيات أحببت أن أحرِّض بها إخواني: قم يا مجاهد قد كفاك خمولُ **** قم فالطغاة سلاحهم مسلولُقم فإنّ عهد السلم قد ولّى *** وليس لغير سيفك قيلُجرّد حسامك وانبِذنّ إلى الملا *** كل العهود فسيفك المقبولُلا تركننّ إلى الطغاة وقولهم *** إنّ الطغاة كلامهم معسولُيعطوك من طرف اللسان حلاوةً *** ليكبِّلوك عن القنا ويحيلواقم يا مجاهد لا عدمتك إنني *** راءٍ سحاب الظالمين يفيلُسالت شِعاب المسلمين بكفرهم *** فاجعل دماء الكافرين تسيلُ قصيدة شعرية في رثاء الاستشهادي البطل أبي عبيدة موسى البصري
بسم الله, والحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, هذه أبياتٌ شعرية قد قيلت لصاحب العملية الاستشهادية الأخ أبي عبيدة البصري موسى, الذي قام بها أمام السفارة الفرنسية في موريتانيا: بفعالٍ كمثل أفعال موسى *** يظهر الحق أنجمًا وشموساونُذِل القوم النصارى ونُعلي *** لأولي الحق منهجًا ورؤوساأيها الليث قرّ عينًا وقلبا *** في جوار الحور الحِسان عروساساقك الشوق للمهيمن سوقًا *** ولكم ساق قبل ليثًا هموساهي أخلاقك الحميدة أهديها *** لو أني حبّرت فيها طروسالصيام النهار أم لقيامٍ *** وقرآنٍ به تخلّقت موسىوللإقدام إن تطاعنت الأُسدُ *** وفرّ الأبطال يومًا عبوساقل لكلب الفِرنج ساركوزي أرعِب *** فبنا سعدكم يصير نحوساوإذا لم يعظكم درسٌ قديمٌ *** وجديدٌ نزدك الآن دروسابشباب الجهاد نُشعِل نارًا *** تحت أقدامكم وحربًا ضروسابشبابٍ يأتي المنيّة وِردًا *** للكريم الرحيم باعوا النفوسامن جنان الفردوس هبّ أريجٌ *** عبِقٌ عنه ما أطاقوا لجلوسافاكتموا ما أصابكم فسنُهدي *** مترعاتٍ من المنايا كؤوسافتولون هالكًا وأسيرًا *** وجريحًا كلومهُ ليس توسى وأقول قولي هذا وأستغفر الله.مقدِّم الندوة: دعنا نسافر في دروب إبائنا *** ولنا من الهِممِ العظيمة زادُدعنا نمُت حتى ننال شهادةً *** فالموت في درب الهدى ميلادُ من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: “خاطبوا الناس بما يفهمون”, فالآن مع وقفة للأدب الحسّاني مع الأخ حمّاد فليتفضل مشكورًا مأجورًا. الشاعر المجاهد حمّاد الشنقيطيتم تحريره في صفقة التبادل مع فرنساوقد قام بإلقاء عدة قصائد باللهجة العامية*** الجزء الثاني من الندوة “في اليوم الثاني” مقدِّم الندوة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه, ثم أما بعد:

نواصل منبرنا منبر الحق لنقول فيه كلمة الحق التي عزّت في هذه الأيام, فأصبحت المنابر منبعًا للباطل وإشاعة الفحشاء, بعدما كانت عنوانًا للحق وكانت منبرًا يُقال عليه الحق. إنّ المنابر في الإسلام ما رُفِعت *** إلا لترفع صوت الحق في الناسِفاختر لأعوادها لا لمن يلين له *** بالحق عودٌ ولا يصغي لخنّاسِ
إخوة الإيمان, أحييكم بتحية الإسلام, أحييكم يا أهل الجهاد والرباط وأنتم مرابطون على ثغرٍ من ثغور الإسلام, وقد صدق فيكم قول القائل: سجعت أبث الود سجع النوارسِ *** طروبًا على إيقاع ضرب الفوارسِفوارس عز يستظلون بالظبا *** إذا لاح أمنٌ للجفون النواعسِيخوضون أهوال الحميّا تجشمًا *** إذا هابها الرعديد يوم التداعسِفلله أرواحٌ هناك وأنفسٌ *** يزفونها للحور زفّ العرائسِولله من في الله تعشق أذنه *** صليل العوالي أو صهيل العوابسِكماةٌ سعوا للسبق في غاية الندى *** جهادًا وفازوا بالمطي العرامسِ

ونبدأ من حيث انتهينا بالأمس, وقد توقفنا عند الكلمة للأخ في الإعداد والرباط فليتفضل مشكورًا مأجورًا, وقبل ذلك نفتتح بآياتٍ من كتاب الله؛ لأن خير ما يُبدأ به كلام الله, فليتفضل الأخ أبو العباس ليسمعنا آياتٍ من كتاب الله, لعلّ الله أن يشرح صدورنا وأن ينفعنا بها. ترتيل الأخ المجاهد أبي العباس أعوذ بالله من الشيطان الرجيمبسم الله الرحمن الرحيم (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ *الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ *يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ *خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ *قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).مقدِّم الندوة:
بارك الله فيك يا أخانا الكريم … محاضرة لأحد الإخوة الشناقطةبعنوان: ” الإعداد والرِباط” بسم الله الرحمن الرحيم إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله, أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون. أما بعد:
إخوة الإيمان, إنّ أمّتكم هذه كانت أمّة الريادة والقيادة, كانت تقود هذا العالم وتسوسه, ويخضع لها أعداء الله عز وجل الكافرون, ويرتعب منها أنواع المرتدين والكافرين, حيث كانوا يحكمون بشرع الله عز وجل, ويطبِّقون كتاب الله تبارك وتعالى. ثم لمّا دار الزمان دورته مضى بالمجد قومٌ آخرون, وآلمني وآلم كل حرٍّ *** سؤال الدهر أين المسلمونا
هؤلاء المسلمون كانوا قادة هذه الدنيا, كما قال القائل: ملكنا هذه الدنيا قرونا *** وأخضعها جدودٌ خالدوناوسطّرنا صحائفَ من ضياءٍ *** فما نسي الزمان ولا نسيناوآلمني وآلم كل حرٍّ *** سؤال الدهر أين المسلمونا
لكن هذا السؤال لم يطُل, فجاء الله عز وجل بهؤلاء الشعث الغُبر الذين لا يأبه لهم الناس, جاء الله عز وجل بهم ليعيدوا لهذه الأمّة مجدها وليرفعوا الراية من جديد, وجئتم هنا تُعِدون العدة لقتال أعداء الله عز وجل, وتمتثلون أمر الله تبارك وتعالى في قوله: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ), وقد أخرج الإمام مسلمٌ في صحيحه تفرّد به من حديث عقبة ابن عامرٍ -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ثم قال: “ألا إنّ القوة الرمي, ألا إنّ القوة الرمي, ألا إنّ القوة الرمي”, وهذا تفسيرٌ من النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الآية, فأين المتشدِّقون الذين يريدون أن يفسروا كلام الله عز وجل بغير ما فسّره به محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي أنزل الله عز وجل عليه كتابه, فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنّ الإعداد المأمور به وأنّ القوة المأمور بها هي الرمي, ويدخل في ذلك جميع أنواع الأسلحة التي يستخدمها المجاهدون في سبيل الله عز وجل.

وقد حضّت الشريعة على هذا الإعداد, وحضّت على هذه الرماية, فأخرج مسلمٌ في صحيحه أيضًا تفرّد به من حديث عبد الرحمن بن شماسة المهري أنه رأى عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه وهو يختلف بين غرضين, فقال له: “تفعل هذا وأنت شيخٌ كبير يشق عليك؟”, فقال له: “لولا شيءٌ سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم لم أعانيه, سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “من تعلّم الرمي ثم نسيه فهي نعمةٌ كفرها”, وفي لفظ “جحدها” وهما بمعنًى واحد.
أيها المجاهدون, إنكم مع إعدادكم لقتال الكافرين فإنكم تروحون وتغدون إن كنتم مخلصين بكثيرٍ من الأجر والحسنات, فأنتم مرابطون في سبيل الله عز وجل, وأنتم تغدون وتروحون في سبيل الله عز وجل, وأنتم تحرسون في سبيل الله عز وجل, وأنتم تقاتلون في سبيل الله عز وجل, ثم القمة الكبرى والنهاية العظمى: الشهادة في سبيل الله عز وجل, قال الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ), وأخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث سهل ابن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رباط يومٍ وليلةٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها, والغدوة يغدوها الرجل والروحة يروحها في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها, وموضع سوط أحدكم في الجنة خيرٌ من الدنيا وما عليها”, وأخرج مسلمٌ في صحيحه تفرّد به من حديث سلمان الفارسي -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من صيام شهرٍ وقيامه, وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل, وأمِن الفتّان”, وأخرج الترمذي في جامعه وقال حديثٌ حسنٌ صحيح من حديث فضالة ابن عبيد -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كل ميتٍ يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله عز وجل”.
أما فضل الحراسة في سبيل الله عز وجل فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “طوبى لعبدٍ آخذٍ بعنان فرسه في سبيل الله كلما سمع هيعةً طار إليها إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة”, وأنتم في جهادكم هذا إن رزقكم الله عز وجل الشهادة فتلك الغاية العظمى وإلا فإنكم تموتون في سبيل الله عز وجل وقد أخبر الله عز وجل عن فضل من هاجر في سبيله, فقال جلّ من قائل: (فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ), فأين القاعدون من هذا الأجر العظيم؟ وأين المرابطون؟ لا في سبيل الله عزوجل وإنما على ثغور نسائهم, وشتّان بين من يتلقى من ثغره الرضاب ومن يُصبّ عليه من ثغره حِمم العذاب, لا يستوون عند الله عز وجل بل صاروا كما قال الشاعر: كم خيّب الشيب آمالًا لنا وغدا *** يحقق الحلم من لم يبلغ الحلم
إنّ الله تبارك وتعالى إنما يرفع الإنسان بعمله وإنما يرفعه بإخلاصه وتقواه لله عز وجل, قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم تفرّد به من حديث أبي هريرة: “ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه”.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم أيضًا من حديث عمر ابن الخطاب قال: “إنّ الله عز وجل يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين”, وإنما يرفعهم به ويضع الآخرين إذا لم يمتثلوا أوامر الله عز وجل, ويرفع أولئك إذا امتثلوا أوامر الله تبارك وتعالى. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم تفرد به أيضًا من حديث أبي مالك الأشعري أنه قال: “والقرآن حجةٌ لك أو حجةٌ عليك”. فخلتكمُ درعًا علي لتمنعوا *** نِذال العِدا عني فكنتم نِصالهاوقد كنت أرجو منكمُ خير ناصِرٍ *** على حين خذلان اليمين شمالهافإن أنتمُ لم تحفظوا لمودتي *** ذمامًا فكونوا لا عليّ ولا لهاقِفوا موقف المعذور عني بمعزِلٍ *** وخلّوا نِبالي والعِدا ونبالها
هكذا يقول المجاهدون للقاعدين, يسعكم السكوت, ويسعكم أن تخلّوا بين نبال المجاهدين ونبال أعداء الله تبارك وتعالى, فإن انتصر المجاهدون فوالله الذي لا إله إلا هو تقوم السماء والأرض بأمره لن يعدوا فيكم شرع الله عز وجل, وإن انتصر الآخرون فروا رأيكم آنذاك, ولن ينتصروا بإذن الله عز وجل؛ فقد وعد الله تبارك وتعالى المجاهدين بأن العاقبة للمتقين وبأنهم هم المنتصرون.
أيها المجاهدون, ونهاية الأمر وعظمته هو الموت في سبيل الله عز وجل سواء أمات الإنسان في القتال أم مات وهو مرابطٌ في سبيل الله عز وجل, قال الله تبارك وتعالى: (وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ), فأخبر الله تبارك وتعالى أن من هاجر في سبيل الله عز وجل قُتِل بعد ذلك أو مات فإنّ أجره على الله تبارك وتعالى, وقال الله عز وجل: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ *لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ).

وأخرج الإمام مسلمٌ في صحيحه -تفرّد به- من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: “ما تعدون الشهيد فيكم؟, قالوا: من قُتِل في سبيل الله عز وجل فهو شهيد, فقال: إنّ شهداء أمّتي إذن لقليل, من قُتِل في سبيل الله عز وجل فهو شهيد, ومن مات في سبيل الله عز وجل فهو شهيد”, قال النووي رحمه الله: “من مات في سبيل الله أي بأي صفةٍ مات”.
وهذا الحديث قد ورد ما يفسره من أحاديث أخرى وإن كان فيها بعض المقال, فمنها ما أخرجه أبو داود في سننه من حديث أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من فصل (أي خرج) غازيًا في سبيل الله عز وجل فمات أو وقصته دابته أو لدغته هامّةٌ أو مات بأي حتفٍ شاء الله عز وجل فهو شهيد”, فأين من يسمع هذا الأجر العظيم ثم يقعد عنه مختارًا الدنيا وعذابها وقد فُتِّحت أبواب الجنة وتزينت الحور لخطّابها, ثم يرضى الإنسان بعد ذلك بالدنيا وعذابها وأنصابها! وربي إنّ من يفعل ذلك لمغبون.
أمّا النهاية العظمى فهي الشهادة في سبيل الله عز وجل, وهي المرتبة التي أعان العليم على تطلبها علمه, وأعان الحليم على تطلبها وحثه إلى طلبها حلمه, منزلةٌ تمناها خير من طلعت عليه الشمس وغربت: محمدٌ صلى الله عليه وسلم, فقال كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة: “والله لولا رجالٌ لا يحبون أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سريةٍ تغزو في سبيل الله عز وجل, ولوددت أني أُقتلُ في سبيل الله ثم أحيا ثم أُقتل ثم أُحيا ثم أُقتل”, فأين الزاعمون الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ أليس من الاقتداء بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم الجهاد لو لم يكن فرض عين؟ فكيف به وهو فرض عين!
إنّ كثيرًا من الزاعمين الاقتداء بنبينا وحبيبنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم ينسون أنّ قول الله عز وجل (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) أنّ هذه الآية التي هي الأصل في باب الائتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم أنها نزلت في معركة الأحزاب حيث بلغت القلوب الحناجر وحيث قعد المنافقون والمخذِّلون والمرجفون.
أيها المجاهدون في سبيل الله, احرصوا على القتل في سبيل الله عز وجل, وعلى الموت شهداء في سبيل الله عز وجل, وذلك بالصبر والرباط والاستعداد للقتال, فإنّ الله تبارك وتعالى إذا علِم من الإنسان الصدق وفّقه بإذن الله عز وجل, فقد أخرجا في الصحيحين من حديث عبد الله ابن أبي أوفى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “واعلموا أنّ الجنة تحت ظِلال السيوف”, وأخرج الإمام مسلمٌ في صحيحه تفرّد به من حديث أبي بكر ولد أبي موسى الأشعري قال: “كنا في حضرة العدو فقال أبو موسى الأشعري: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “إنّ الجنة تحت ظِلال السيوف” قال: فخرج رجلٌ من الصف رث الهيئة, فقال: أنت سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم, فكسر غمد سيفه ثم رجع إلى قومه, فقال: اقرأ عليكم السلام, ثم قاتل فقُتِل”.
فأين من يقول صادقًا لإخوانه المجاهدين “اقرأ عليكم السلام”, ثم يركب سيارته المفخخة أو يلبس حزامه الناسف ليذهب إلى أعداء الله تبارك وتعالى فيلتقي وإياهم عند الله عز وجل, وشتّان ما بين القتلين؛ قتلٌ في سبيل الله عز وجل, وقتلٌ في سبيل الشيطان!(الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً).
أما يحرِّضكم إلى القتال في سبيل الله عز وجل ما أخرجاه في الصحيحين من حديث أنس ابن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من أحدٍ له شيءٌ عند الله عز وجل يسره أن يرجع إلى الدنيا إلا الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة”, إنه لا أحد له منزلةٌ عند الله عز وجل يتمنى الرجوع إلى الدنيا إلا الشهيد لما يرى من الكرامة, وفي لفظ “لما يرى من فضل الشهادة”. إنّ إخوانكم الشهداء في أُحُد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنّ رب العزة جل جلاله كلّمهم كفاحًا, فقال: “تمنوا”, فماذا تمنوا؟ إنهم تمنوا أن يرجعوا إلى الدنيا فيُقتلوا مرةً أخرى لما يرون من الكرامة. إني لمقتادٌ جوادي وقاذفٌ *** به وبنفسي العام إحدى المقاذفِفيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن *** على شرجعٍ يُعلى بخضر المطارفِولكن أحِنْ يومي شهيدًا بعصبةٍ *** يُصابون في فجٍّ من الأرض خائِفِكتائب في الصحراء ألّف بينهم *** تُقى الله نزّالون عند التزاحفِإذا فارقوا دنياهمُ فارقوا الأذى *** وصاروا إلى موعود ما في المصاحفِ
لقد كان عبد الله ابن رواحة حين ودّع المسلمين خارجًا إلى سرية مؤتة, قال وأنشد يخاطب ناقته, قال لها: إذا أدنيتني وحملتِ رحلي فشأنكِ فانعمي وخلاكِ ذمٌّولا أرجع إلى أهلي ورائي وعاد المسلمون وغادرونيدفينًا بين مجتمع اللواءِ
إنه لم يكن يريد الرجوع إلى أهله, وكذا ينبغي أن يكون المجاهد, طلّق الدنيا وألقاها وراء ظهره وتركها للمتكالبين عليها, وما قيمة الدنيا حتى يتكالب الناس عليها؟ مهما طال العمر فإنّ الإنسان سيدعها, وجنة الله تبارك وتعالى خيرٌ وأبقى لمن كان يؤمن بالله عز وجل, فلمّا ودعهم المسلمون وقالوا لهم ردّكم الله, قال: لكنني أسأل الرحمن مغفرةً *** وضربةً ذات فرغٍ تقذف الزبداأو طعنةً بيدي حرّان مُجهزةً *** بطعنةٍ تنفذ الأحشاء والكبِداحتى يُقال إذا مروا على جدثي *** يا أرشد الله من غازٍ وقد رشدا
فلمّا حانت المعركة قال: أقسمتُ يا نفس لتنزِلِنّه *** طائعةً أو لتُكرهِنّه

ثم قاتل حتى قُتِل, فماذا قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ لقد نعاهم صلى الله عليه وسلم وإنّ عيناه لتذرفان, كما في صحيح البخاري من حديث أنس, ثم قال: “لا يسرهم أنهم عندنا” أو “ما يسرنا أنهم عندنا” على الروايتين. إنّ الشهيد لا يريد أن يرجع إلى الدنيا, والمؤمنون لا يريدون للشهيد أن يكون عندهم, وإنما يختارون له ما عند الله عز وجل, فهذا دربنا إنّا سائرون عليه حتى يرزقنا الله عز وجل الشهادة في سبيله مُقبلين غير مدبرين, أو يحكم الله عز وجل بيننا وبين أعدائنا, قال تعالى: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ), ونحن نقول لأعداء الله عز وجل: (فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ).مقدِّم الندوة:
نسأل الله رب العرش الكريم أن يتقبل من أخينا ما قال وأن ينفعنا بما قال, وقديمًا قال الشاعر: كُتِب القتل والقِتال علينا *** وعلى الغانياتِ جرُّ الذيولِ
والآن مع كلمةٍ باللهجة الفلّانية, للأخ المجاهد حسّان الفلّاني, فليتفضل مأجورًا مشكورًا. الأخ حسان الفلاني يلقي كلمته باللهجة الفلانية**** مقدِّم الندوة:
جزاك الله خيرًا على ما قلت, نسأل الله عز وجل أن يصل الآذان.
والآن مع المحور السادس وهو أيضًا بإحدى اللهجات المحلية وهي اللهجة الطارقية, مع أخينا عمر فليتفضل مشكورًا

مؤلف: كاتب غير محدد
قسم: لهجات
اللغة: العربية
الصفحات: 11
حجم الملف: 1.2 ميجا بايت
نوع الملف: PDF

قراءة وتنزيل [تفريغ] :: الندوة الجهادية الرائعة { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ } pdf من موقع مكتبه إستفادة.