تنزيل وتحميل كتاِب لماذا تُقمع حرية الرأي بتهمة ازدراء الأديان؟ pdf برابط مباشر مجاناً
وصف لماذا تُقمع حرية الرأي بتهمة ازدراء الأديان؟ pdf
مفكر مصري استراتيجي متخصص في قضايا فكرية وثقافية عديدةإن تهمة ازدراء الأديان سهلة التحضير مثل الوجبات التي تُحضر في دقائق معدودة ، وهي بمثابة سيف يُظهره المتشددون ودعاة الدولة الدينية والمتعصبون في وجه كل معارض ومختلف ومخالف ، وكل من يحاول التفكير ، فهي سيف يُشهر في وجه المبدعين والباحثين والكتاب والسينمائيين .. الخ .
نعم هناك تهمة جاهزة الآن اسمها ازدراء الأديان ، فباسمها يجرجر المفكر والفنان والأديب إلى ساحات المحاكم وغياهب السجون بكل سهولة ، بل وبكل راحة ضمير .. تارة باسم تحطيم الثوابت ، وتارة أخرى بإنكار المعلوم من الدين بالضراوة .
وقانون الازدراء مطاط ، والتهمة ضبابية ، والضحية هو كل من يريد طرح الأسئلة على التراث الذي يريدونه محنطا ، والسؤال الآن : هل كل انتقاد للفكر والتاريخ الديني هو ازدراء أو تحقير ؟
وللإجابة عن هذا نقول : منذ قُدم “طه حسين” للمحاكمة ومن بعده “علي عبد الرازق” و”عبد المتعال الصعيدي” ، ومن بعدهما كل من المفكر العربي الراحل صادق جلال العظم والمفكر المصري الراحل أيضا عاطف العراقي للمحاكمة بتهمة ازدراء الدينين الإسلامي والمسيحي ، لم تتوقف محاكمات الفكر في تاريخنا المعاصر ، وطالت قضايا ازدراء الأديان عددا كبيرا من الكتاب والباحثين والشعراء والأدباء ، الأمر الذي بلغ ذروته مع صعود النزعة الإسلامية فيما عُرف بعصر الصحوة ، فحُوكم الشعراء : “حامد وحلمي سالم” وخرجت المظاهرات تندد بالمغربي “محمد شكري” والسوري “حيدر حيدر” وتسارعت وتيرة قضايا الحسبة ليفرق القضاء بين نصر حامد أبو زيد وزروجته ويزيقا غريمه عبد الصبور شاهين من الكأس نفسه عقب الجدل الذي أصاره كتابه ” آبي أدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة”.
وتفاقم الأمر في ظل وجود مرجعية قانونية تسخر بقوانين الردة والتجديد ومناهضة الازدراء ، ولم تجد المؤسسة الدينية (الأزهر الشريف) حرجا في مناصرة مثل هذا النوع من القضايا ، بينما وُضعت الدولة في حرج بالغ ، إزاء حوادث تواصل الاغتيال الناتجة عن الاتهام بالازدراء بداية من “فرج فودة” وصولا إلى ناهض عمر في الأردن ، مما دفع الكثيرين إلى المطالبة فيما سموه بالمهزلة ، في حين ما زالت المؤسسات الدينية تصر على موقفها .
وفكرة ازدراء الأديان لم تكن وليدة البيئة العربية – الإسلامية ، وإنما خرجت من رحم الثقافة الغربية ، فقد كانت تمثل أداة قمع كلاسيكية معروف في أوربا كانت لها مثيل في وقت سطوة الكنيسة في أوربا ، حيث محاكم التفتيش التي كانت تحرق الساحرات والمهرطقين والمجدفين وأصحاب الديانات الأخرى ، والعلماء ؛ حيث ذهب بعض كتاب القرن الثامن عشر الذين مهدوا للثورة الفرنسية إلى أن الديانات والقوانين ما هي إلا قوانين مستحدثة، وأغراض طارئة على البشر، حتى قال فولتير:إن الإنسانية لابد أن تكون قد عاشت قرونا متطاولة في حياة مادية خالصة، قوامها الحرث، والنحت، والبناء، والحدادة، والنجارة قبل أن تفكر في مسائل الديانات والروحانيات، بل قال: إن فكرة التأليه إنما اخترعها دعاة ماكرون من الكهنة والقساوسة الذين وجدوا من يصدقهم من الحمقى والسخفاء.
قد يكون لفولتير عذره فيما يقول لكون هذا الكلام وهذه النظرة ما هي إلا انعكاس ورد فعل طبيعية لواقع مرير شهدته أوربا من استبداد الملوك، واستعبادهم لشعوبهم، وتحالفهم مع الكنيسة التي صارت أقبية للظلم والطغيان، ومنتجا للأوهام والخرافات، ومسوّغا لسياسة الملوك الظالمة باسم الدين.
وقد انتقلت فكرة ازدراء الأديان في الشرق الإسلامي من خلال محاكم أفظع وتُهم أكثر وأقوى ، وتبقي تهمة ازدراء الأديان ، وكأنها ليست مختصة بالأديان الإبراهيمية فقط ، فكلنا نعرف محاكمة سقراط مثلا وإجباره على تجرع السم بتهمة إفساد شباب أثينا ، لكن يظل ، رغم أن التاريخ والحاضر يحفلان بقصص عنف وقمع وقتل وحرق واعتداء على المخالفين بدعي أنهم يزدرون الأديان ، إلا أن واقعنا العربي الإسلامي كأنه لم يبرح هذه القرون أبدا ، حيث كنا في البلاء سواء ، فالعالم كله والإنسانية كلها قد مرت بفترات طويلة من ملاحقة الناس في أديانهم وأفكارهم ، وخرج الجميع من الوهدات ومشوا في طريق الحضارة ، إلا نحن حيث نكون مصرون علي البقاء في هذه الوهدة ، ولا نريد أن نبرحها أبداً .
ففي القرن الماضي لُوحق أكثر من كاتب وأديب ومفكر بتهمة ازدراء الأديان والإساءة إلى الإسلام ببلاغات ودعاوى قضائية أقامها بعض المشايخ والمحامين ممن نصبوا أنفسهم مدافعين عن الإسلام ، وبموجب هذه الاتهامات قتل فرج فودة كما ذكرت من قبل وتعرض الأديب العالمي ” نجيب محفوظ” لمحاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة .
وبعدما شاهدت مصر قضية هزت الرأي العام واهتم بها العالم كلة وهي قضية تفريق الدكتور “نصر حامد أبو زيد” عن زوجته بحكم قضائي بعد اتهامه بالردة والإلحاد بسبب أبحاثه العلمية ، استنادا أنه لا يجوز للمرأة المسلمة الزواج من غير المسلم ، وأُخطر الزوجان بالسفر إلى هولندا هروبا من فتاوى التكفير وإهدار الدم.
كما لُوحق الدكتور “سعيد العشماوى” ورئيس المحكمة السابق ، والأستاذ “سيد القمني” بنفس الاتهامات ، وتعرض لحملات تكفير ودعاوى قضائية متعددة ، وفي أقل من ثلاثة أشهر في العامين الماضيين حُكم على سبعة مواطنين بتهمة ازدراء الأديان ؛ وهم الباحث إسلام البحيري ، (والذي حُكم عليه بالسجن لمدة عام ، والذي دعا لمراجعة المناهج التي قامت عليها كتب الحديث، وطرق جمع الأحاديث وتصنيفها وشرحها، وذلك على أساس أن هذه الكتب هي نتاج اجتهادات الباحثين، في أطار ما كان متاحا لهم من معرفة في زمانهم، بينما أتسع نطاق البحث العلمي وأدواته في عصرنا الحالي بما يستلزم أعادة النظر في كل هذه المراجع ، وسرعان ما رفعت دعاوى قضائية ضد البحيري تتهمه بازدراء الأديان، وأدين بالفعل بهذه التهمة استنادا للمادة 98 من قانون العقوبات المصري، وقالت المحكمة في حيثيات حكمها أن البحيري تعدى على أئمة الإسلام، “وأستغل برنامجه التلفزيوني للترويج لأفكار متطرفة بقصد أثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين الإسلامي الحنيف”)؛ وأربعة أطفال مسيحيين ، ومدرسهم الذين قلدوا صلاة المسلمين في مسرحية تهكموا فيها على تنظيم داعش.
وأخيرا وليس آخرا حُكم على الكاتبة الصحفية “فاطمة ناعوت” بالسجن لاتهامها بوصف أضحية عيد الأضحي بالمذبحة ورؤية سيدنا إبراهيم على أنها كابوس ، وهو ما نفته ناعوت .. مثقفون وسياسيون ونخبة اعتبروها للأحكام اغتيالا لحرية الإبداع والفكر، بينما اعتبروه آخرون حماية من الأديان من التطاول والاستهزاء
مؤلف: | محمود علي |
قسم: | النقد الفلسفي |
اللغة: | العربية |
الصفحات: | 26 |
حجم الملف: | 3.43 ميجا بايت |
نوع الملف: | |
تاريخ الإنشاء: | 26 نوفمبر 2021 |
قراءة وتنزيل لماذا تُقمع حرية الرأي بتهمة ازدراء الأديان؟ pdf من موقع مكتبه إستفادة.