تنزيل وتحميل كتاِب تقابلات النص وبلاغة الخطاب pdf برابط مباشر مجاناً
وصف تقابلات النص وبلاغة الخطاب pdf
كاتب مغربي باحث في مجال التأويل وتحليل الخطاب .التأويل التقابلي استراتيجية قرائية لصناعة المعنى، يمكن الاشتغال بها لفهم النصوص والخطابات وتفهيمها، وهو اختيار إجرائي أُسه محاذاة المعاني بعضها ببعض، وتقريب بينها في الحيز الذهني و التأويلي، عبر مواجهتها (وجها لوجه) لإحداث تجاوب ما، أو تفاعل معرفي، أو دلالي وتأويلي.
تقوم إستراتيجية التأويل التقابلي على التقريب بين العناصر والمستويات ذهنيا، بأي شكل من الأشكال، وذلك عبر إحداث تواجُه بين بنيتين، أو وضعين، أو موقفين، أو غير ذلك. إنه اشتغال في الفهم يقوم على التساند بين الآليات التي تنبني عليها النصوص والخطابات من جهة، وعلى الجهد الذهني المستقصي للمعاني والعلاقات الممكنة بين العناصر والمستويات.
إن التأويل التقابلي–كما نقترح في هذه المقاربات- إستراتيجية تأويلية يمكن العمل بها كليا أو جزئيا، عبر تطعيمها باختيارات أخرى عند الاشتغال بأدواتها؛ ذلك أن التقابل- ما ظهر منه وما خفي- يظل خاصية كونية، وإنسانية، ومعرفية، وإنتاجية، وتأويلية؛ ومن ثمة فهو منطلق قرائي يمكن العمل به لتحليل الظواهر الأدبية والفكرية ومعالجة الأفكار والمعاني، وتذوق الأساليب الفنية والجمالية في الخطاب في مدارسنا وجامعاتنا. كما أنه ييسر الوقوف على الأسرار والدلالات الخفية بطريقة متأنية وبسيطة، تفيد الدرس الأدبي، فهو أداة وطريقة تدريجية في عزل المستويات الدلالية وتشقيق المعاني، ثم إعادة بنائها عبر المداخل النحوية، والتركيبية، والصرفية، والأسلوبية، والبيانية، والدلالية، والرمزية في الخطاب موضوع المقاربة التأويلية.
يقوم المقترح القرائي في هذا الكتاب على المزاوجة بين التقديم النظري الموجز، والتقريب التمثيلي والتطبيقي المبسط لإستراتيجية التأويل التقابلي؛ وسيلاحظ القارئ أن مستويات التناول تختلف من نص لآخر، كما أن المفاهيم الموظفة في القراءة متباينة، وهذه سمة مميزة للتأويل بالتقابلات، فهو يتجاوز الحدود الضيقة، والإجراءات المنهجية الرتيبة والمتكررة في التناول، ويفتح المجال واسعا في كل قراءة نصية للإبداع بالقدر الذي يُظْهِر قدرة صاحبها على الاكتشاف، وابتكار مداخل قرائية قادرة على التفاعل مع النص وتذوقه.
غير أن المبدأ المنطلَق منه يظل واحدا مُوَحَّدا؛ فالتقابل يسكن النصوص والإنسان والعالم من حولنا؛ فلا تقال المعاني ولا تكتب إلا بعد أن تُعرَض بشكل تقابلي على المستوى الذهني؛ فالخطابات تنتج أصلا بكيفية متقابلة عن طريق عرض الأشياء على ما يقابلها، أو ما يماثلها، أو يضادها، أو يجاورها، أو يتممها، أو يشرحها، أو غير ذلك. إضافة إلى أن صناعة الخطاب الأدبي عموما تتم عن طريق الاختيارات الدلالية الواعية للمنتج، فيحذف ما يريد ويحتفظ بما يريد، وينتقي الأداة اللفظية والأسلوبية المناسبة لذلك. لذلك يظل التقابل الوسيلة الأنجع للعودة بالمعنى إلى أصوله المتقابلة بشتى أنواع العلاقات والمقصديات.
بمعنى آخر مقابل، إن الاختيارات الإنتاجية للخطاب نابعة أساسا من الوجود المتقابل، والمعاني المتقابلة، ثم من العلاقات المتقابلة بين المعاني، وتبعا لذلك المنطق يحدث فهمها وتأويلها، ثم تفهيمها للآخرين عن طريق التقابل، وذلك أيسر السبل.
يتضمن الكتاب مجموعة من المقاربات التأويلية المرتكزة على آلية التقابل بشكل محوري؛ وهكذا حاولنا إعادة بناء معاني سورة الفاتحة الكريمة لإبراز بلاغتها وإعجازها، وتقريب معانيها إلى القراء استنادا إلى المقترح القرائي المشار إليه. كما تناولنا بالمقاربة ذاتها بلاغة الحِجاج في كتاب “إحياء علوم الدين” لأبي حامد الغزالي. وهو ما يعني أن التأويل التقابلي آلية يمكن تطبيقها،كذلك، لتحليل الخطابات ذات الطبيعة الاستدلالية، بحثا عن أنظمتها وأدوات الإبلاغ والإقناع فيها.
وتوسيعا للاستراتيجية ذاتها، حاولنا تطبيقها على نصين من الشعر: قديم، وهو نص مرثية مالك بن الريب التميمي الشهيرة. وحديث، وهو نص ” نسر” لعمر أبو ريشة. وقد اكتست المقاربة طابعا تحليليا وتقابليا وتأويليا، يروم بالأساس التأكيد على فعالية وإجرائية الإستراتيجية المقترحة للوقوف على بلاغة الخطاب الشعري.
ولأن التقابل يسع كل الألوان الأدبية، ويتحقق كذلك في الخطابات الواصفة، فقد عمدنا إلى المقابلة بين قراءتين تأويلِيَّتين للكرامة الصوفية، لمؤَوِّلين مغربيين معاصرين، وهما محمد مفتاح وعبد الفتاح كِليطو. وقد مكننا هذا الإجراء من الوقوف على الآليات العميقة العاملة في خطاب التأويل عندهما. وفي الأخير، تتبعنا بعض الملامح التقابلية في خطاب الحكمة، من خلال نموذج منتقى من كتاب المحاضرات للحسن اليوسي.
وهكذا، فإن استراتيجية التأويل التقابلي يمكنها أن تمنحنا غنى وتعددا وخصوبة وثراء- وإن بدا لأول وهلة أن النص موضوع المقاربة يسير دلاليا في مسار واحد- لأن القراءة التأويلية القائمة على مقابلة العوالم والوضعيات والحالات، بوسعها أن تُمَكِّن قارئها من اكتشاف إمكانيات كبيرة لبناء المعنى، فما من عوالم أو أحوال يتحدث عنها النص أو الخطاب، إلا وفي عالم القارئ ما يُغنيها ويُوَسِّعُها ويقابلها، بأي شكل من أشكال التقابل، ظاهرا أو مُقَدرا، معلَنا عنه أو نجتهد في تحصيله عبر أفعال التأويل؛ وذلك لأن الله تعالى خلق في الكون تقابلات بديعة، سواء على مستوى الماديات أو المعنويات، وهذا التقابل الكوني الموجود سلفا هو ما تتأسس عليها الكتابة والتواصل، كما أن اختيار عناصره بدقة أثناء صناعة النص هو ما يعطي الخطاب التأويلي قوته وجماليته، وإثارته التي تظهر في تجليات فنية مختلفة، لكن الذي يوحدها ويلم شتاتها هو التقابل.
نأمل أن نكون بهذا الجهد قد أسهمنا في إغناء تجربة القراءة التأويلية بأدوات وإمكانيات تحليلية، تفيد النقد، وتحليل الخطابات، ومجال إقراء النصوص بالحقلين الأكاديمي والمدرسي، عبر الاشتغال بالتأويل التقابلي جزئيا أو كليا، فالمعاني تُصنع بأبعاد وعلاقات متقابلة، وتُتلقى وتُفهم كذلك وَفْق الأبعاد نفسها، وهو ما يؤسس، فيما نعتقد، لبلاغة تأويلية جديدة.
والحمد لله كَكَرمه وكَعِزِّ جلاله.
مؤلف: | محمد بازي |
قسم: | قسم غير محدد |
اللغة: | العربية |
الصفحات: | 181 |
حجم الملف: | 1.14 ميجا بايت |
نوع الملف: | |
تاريخ الإنشاء: | 05 أبريل 2010 |
قراءة وتنزيل تقابلات النص وبلاغة الخطاب pdf من موقع مكتبه إستفادة.