تنزيل وتحميل كتاِب أحب جمال عبد الناصر ولكن لست درويشا ناصرياً pdf برابط مباشر مجاناً
وصف أحب جمال عبد الناصر ولكن لست درويشا ناصرياً pdf
مفكر مصري استراتيجي متخصص في قضايا فكرية وثقافية عديدةهناك شخصيات لا تتآكل تجاربها وقيمتها مع مرور الزمن. من ثم تبرز قيمتها زمن الاحباط والهزيمة، والتفاؤل والنصر؛ والحديث يجري هنا عن الشخصيات السياسية الفذة والعربية العامة؛ فهناك شخصية تمثل الروح القومي العربي ويرتقي إلى مصاف المرجعية الفعلية بهذا الصدد، وهي جمال عبد الناصر في القرن العشرين، حيث إن هذا الرجل كان له أثره وقيمته في إرساء أسس الرؤية العملية للفكرة العربية كما قال ميثم الجنابي عليه رحمة الله.
وفي هذه الأيام تمر علينا خلال هذه الأيام الذكرى الحادي والخمسين علي وفاة الزعيم الاستثنائي في تاريخ وحياة المصريين والأمة العربية بل العالم أجمع، خالد الذكر الرئيس جمال عبد الناصر، وقد وجدت نفسي في حيرة عن ماذا أكتب؟ فقد كتب الكثيرون عن سيرة الزعيم ومشواره منذ الطفولة وحتى يوم رحيله في ليلة الإسراء والمعراج في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970، وملئت الكثير من الصفحات والمجلدات حول تجربته الرائدة ومشروعه الوطنى والقومى، وانتصاراته وانكساراته.
وقد حسمت حيرتى، وذلك بإسقاط مساوئ الحاضر في إيجابيات الماضي، فاكتشفت أن جمال عبد الناصر يمثل بالفعل ظاهرة تاريخية تستحق التأمل والدراسة، وأن فكره كان صائبًا تجاه القومية العربية ونظرته للغرب، ولكن الأخطاء كانت في التطبيق؛ حيث كثيراً ما أسأل نفسي “لماذا بقي اسم جمال عبد الناصر بعد نصف قرن من الزمان، ولماذا لا ترفع الجماهير في أي حركة شعبية بين رؤساء مصر إلا صورة عبد الناصر فقط؟”
والإجابة كانت في نظري تتمثل في أن جمال عبد الناصر كان شخصية لها معجبيها ولها حسناتها وأخطائها، أى أننا يمكن اعتبارها ظاهرة يجب أن تدرس حتى تستفيد منها الأجيال القادمة، وأهمية توثيق تاريخ هذه الحقبة الزمنية المهمة فى تاريخ مصر، ولكن دون تضخيم أو تهويل لأن التاريخ هو الحاكم الحقيقى لهؤلاء الزعماء بعيدا عن الناصريين والمتشدقين بالناصرية، وأنه كان الزعيم الأوحد، ويجب أن نعى أن له ما له وعليه ما عليه.
وبالطبع كانت هناك الكثير من المميزات والانتقادات لعصر جمال عبد الناصر، مع اتفاق على شرفه وإخلاصه، اللذين استمرا حتى لحظاته الأخيرة، وبالرغم من مرور 47 عاما على رحيله لايزال عبدالناصر يعيش لدى مؤيديه، وأغلبية شعبية فى مصر والعالم العربى، وأيضا يعيش بين خصومه.
لقد كان جمال عبدالناصر ابن عصره، تولى فى عصر شديد التعقيد حرباً عالمية كادت تنتهى، وحرب باردة وقوى عظمى تتصارع على النفوذ، وتسعى لاستقطاب الدول المستثقلة وبقايا استعمار يحاول التمسك بنفوذه، ولهذا كانت فكرة عدم الانحياز إبداعاً لزعماء العالم الثالث بعيدا عن صراعات كانت تهدد العالم. عربيا سعى لتوحيد أهداف وثروات دول توحدها اللغة والمصير، أفريقيا وطد علاقات ودعم حركات التحرر والتنمية، إسلاميا حرص على تقوية المحور الإسلامي.
وكذلك هل ينسي التاريخ أنه في عهده وبمساندته العظيمة استطاع رجال الصناعة الاكفاء المخلصون بقيادة الدكتور عزيز صدقى ان يقيموا صرحا عظيما للصناعة فى جميع ربوع مصر؛ فقد تم فى ذلك الوقت من 1956 حتى 1970 وما بعدها انشاء اكثر من سبعمائة وخمسين مصنعا ملكا خالصا للدولة المصرية وكل مصنع كان يسدد ثمنه من انتاجه على عشر سنوات وكانت هذه المصانع موزعة على جميع محافظات مصر. وكان من هذه المصانع ما يزيد على 250 مصنعاً للصناعات الثقيلة مثل المراجل البخارية التى تحتاجها الصناعات الكيماوية والغذائية والغزل والنسيج وتوليد الكهرباء.. الخ، ومن هذه المصانع أيضاً مجمع الحديد والصلب بحلوان ومجمع الألومنيوم فى نجع حمادى ومصنع الفيروسيليكون فى إدفو ومجمع البترول بالسويس ومسطرد وطنطا والاسكندرية وغيرها من المصانع.
كذلك لا ننسي ملف العدالة الاجتماعية فى عهد جمال عبد الناصر، ولعل خطابات الرئيس الراحل عن الفقراء ومحدودى الدخل وانحيازه للفقراء ظاهرة بشكل كبير من خلال خطاباته، ففى إحدى خطبه وحديثه عن الاشتراكية والتأكيد أن هذا يعنى العدالة الاجتماعية وأكد أن كل مواطن مصر له حق فى البلد ونصيب لا بد أن يأخذه.
إن العدالة الاجتماعية في عهد الرئيس الراحل أخذت عدة أشكال على رأسها دعم الفلاح المصري، وطرح أراضي زراعية كثيرة للفلاح من أجل زراعتها، وهو ما زاد من حجم المحصول الزراعي، إلى جانب إنشاء وافتتاح المشروعات والمصانع لتشغيل الشباب، إلى جانب مجانية التعليم، وإسقاط الإقطاع، والعدالة الاجتماعية وفقا لما قاله الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى إحدى خطبه، هو تحقيق سيطرة الشعب على ثرواته والمصانع، وبناء قطاع عام قوى يملكه الشعب ويسيطر عليه، بدلا من أن تسيطر عليه فئة محدودة، فهو تحالف قوى الشعب العامل القائمة على انقاض الإقطاع.
كذلك لا ننسي أنه في زمن عبد الناصر شهدت مصر نهضة اقتصادية كبيرة خلال عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وتنفيذ مشروعات قومية كبرى ساهمت في النهوض بالاقتصاد المصري، ولعل أهما بناء السد العالي، وتأميم قناة السويس، والنهضة الصناعية ببناء أكثر من 1000 مصنع، بالإضافة لاهتمام بالنهضة الزراعية وإصدار قانون الإصلاح الزراعي الذى ضمن لكل فلاح 5 فدان، واستطاع الاقتصاد المصري في عهد “عبد الناصر”، أن يتحمل تكلفة إتمام بناء السد العالي يعد أعظم مشروع هندسي وتنموي في القرن العشرين، وشهدت مصر في عهد “عبد الناصر” زيادة مساحة الرقعة الزراعية بنسبة 15%، وزادت مساحة الأراضي المملوكة لفئة صغار الفلاحين، وتم إنشاء العديد من المصانع ومنها بناء مجمع مصانع الألمونيوم في نجع حمادي، واستطاع الاقتصاد المصري عام 1969 أن يحقق زيادة في فائض الميزان التجاري، وكانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث وأجهزة كهربية وغيرها، وأنشأت مصر أكبر قاعدة صناعية في العالم الثالث، حيث بلغت عدد المصانع التي أنشأت فى عهد عبد الناصر 1200 مصنع منها مصانع صناعات ثقيلة وتحويلية واستراتيجية.
كذلك شهدت مصر نهضة صناعية وزراعية كبيرة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فالاقتصاد المصرى شهد طفرة كبيرة سواء زراعيا أو صناعيا أو تجاريا، فتم إقامة مصانع الحديد والصلب وتطوير الصناعات الثقيلة، وإنشاء مجمع مصانع الألمنيوم وأحد المشروعات الصناعية الكبرى، كما كان هناك اهتماما بالصناعات الكيماوية وإنشاء نصانع الغزل والنسيج، ومصانع إطارات السيارات وعربات السكك الحديدية، وتوليد الطاقة الكهربائية من السد العالي، بالإضافة للمصانع الحربية، وغيرها، وكل ذلك ساهم في القضاء على البطالة بتوفير فرص عمل عديدة للمصريين.
وكانت الصناعة في مصر في عهد عبد الناصر كانت مزدهرة جدا ومتطورة وأغنت مصر كثيرا عن الاستيراد، وذلك ساهم في النهوض بالزراعة وزيادة مساحة الرقعة الزراعية، وبالتالي زيادة وتنمية الإنتاج الزراعي من مختلف المحاصيل الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي، بالإضافة إلى تحسين أوضاع المزارعين والفلاحين المصريين.
ولا ننسي أن بناء السد العالي يعد من أعظم المشروعات الاقتصادية والتنموية في القرن العشرين، وهذا الإنجاز الكبير أشاد به العالم كله، والسد العالي حمى مصر من الفيضانات وساهم في توليد الكهرباء، كما أن تأميم قناة السويس كانت خطوة كبيرة ومهمة ساهمت في استفادة مصر من القناة وإدخال موارد مالية كبيرة للدولة.
وقصة بناء السد العالي ومصانع الحديد والصلب والألمنيوم والنسيج وغير ذلك من المعجزات الصناعية التي قال عنها الفنان المبدع خالد يوسف: إن ما تبقى من إنجازات عبد الناصر هو الذي يستر وضعنا اليوم، وهي كذلك قصة تأميم قناة السويس وتحرير إرادة الأمة العربية، وقصة تحدي القوى العظمى التي تذلنا إلى اليوم دون أن نستفزها. إنها اليوم تعاملنا معاملة السيد لرقيقه دون أن نجرؤ ونقول: اشربي من ماء البحر، ليتنا لا نشرب ماء البحر بإرادتنا. إنها ذكرى رجل أهدى أمته الإحساس بالمجد، وقد يكون ساقها في لحظة ما إلى كبوة بل هزيمة غير مبررة، ولكنه عاد وقدم لها أسباب النصر والصمود بل والوثوب في السنوات الثلاث التي عاشها بعد مرارة الهزيمة.
ومن هذا المنطلق أقول أحب الرئيس جمال عبد الناصر فهو في نظري مؤسساً لمدرسة الكرامة العربية، التي وقفت في وجه أعداء الأمة معلنة التحدي ورافعة لراية المقاومة، والتصدي بشجاعة لكل من يحاول النيل من شرف وكرامة أمتنا العربية، فكانت كلماته المدوية في مواجهة العدو الصهيوني “لا صلح لا تفاوض لا اعتراف” و” ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”، وشاهدنا من بعده ومن نفس مدرسته القائد الخالد حافظ الأسد الذي وقف متحديًا الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الصهيونية رافضًا أي تفريط في شبر من أرضه قائلا: “من الأفضل أن أورث شعبي قضية يناضل من أجلها عن أن أورثه سلاما مذلا”.
كذلك أحب الرئيس جمال عبد الناصر لكونه قدم لنا نموذجا سياسياً فريدا بين مشاريع تجارب التحرر الوطني في العالم، حيث لم يسع إلى تحرير مصر فقط من الاستعمار البريطاني، إنما سعي، في ذات الوقت إلى تحرير الوطن العربي كله، بل وكل شعوب العالم الثالث أجمع، وهنا تجلى مبكراً التداخل الوثيق بين هدفي التحرير والوحدة في هذا المشروع. فالقيمة العليا لهذا المشروع تتجلى فى أنه انطلق من نسق عربي للفعل السياسي، منطلقه هو التحرر السياسي من الاستعمار ومن كل أشكال التبعية للخارج لبناء نظام عربى موحد يملك مشروعاً مستقلاً للنهضة والتقدم؛ فقد انطلق مشروع جمال عبد الناصر لهذه النهضة وهذا التقدم من مفهوم للوحدة العربية قائم على عملية تواصل خلاق بين الجوهر الثقافي والحضاري للأمة العربية وبين احترام الخصوصيات الوطنية لكل شعب عربى على حدة، لكنه ظل شديد الارتباط بهدف التحرير والاستقلال الوطني والقومي الذى لم ينفصل عن هدف تحقيق الحرية الشاملة على البعدين الوطني والقومي وعلى المستويين السياسي والاجتماعي (الحرية السياسية والعدل الاجتماعي)، في ظل وعى قوى بأن هدف تحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني هو الشرط الحاكم لتحقيق الأهداف الثلاثة الكبرى للمشروع الناصري: الاستقلال والتحرر الوطني والقومي وتحقيق الوحدة العربية المرتكزة على دولة العدالة الاجتماعية والحريات السياسية في نظام ديمقراطي حقيقي يجعل الشعب هو صاحب الإرادة العليا فى الحكم.
ولكن لست من دراويش الناصرية الذين يرفضون مواكبة مستجدات الواقع المعاصر ، كما أنني لست من دراويش الناصرية الذين يؤمنون بكل مساوئ ومحاسن عبد الناصر ويغلقون آذانهم عن تطور الدولة المعاصرة ، كذلك لست من دراويش الناصرية الذين يقفون عند فكر السبعينيات ويغلقون آذانهم عن فكر ما بعد الحداثة والعولمة.
مؤلف: | محمود علي |
قسم: | الفكر المصري |
اللغة: | العربية |
الصفحات: | 22 |
حجم الملف: | 2.8 ميجا بايت |
نوع الملف: | |
تاريخ الإنشاء: | 13 فبراير 2022 |
قراءة وتنزيل أحب جمال عبد الناصر ولكن لست درويشا ناصرياً pdf من موقع مكتبه إستفادة.